فصل: مغاضبة المعتمد للموفق ومسيرة ابن طولون وما نشأ من الفتنة لأجل ذلك.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مغاضبة المعتمد للموفق ومسيرة ابن طولون وما نشأ من الفتنة لأجل ذلك.

كان الموفق حدثت بينه وبين ابن طولون وحشة وأراد عزله وبعث موسى بن بغا في العساكر إليه سنة اثنتين وستين فأقام بالرقة عشرة أشهر واختلف عليه العسكر فرجع وكان الموفق مستبدا على أخيه المعتمد منذ قيامه بأمر دولته مع ما كان من الكفاية والغناء إلا أنه كان المعتمد يتأفف من الحجر وكتب إلى أحمد بن طولون في السر يشكو ذلك وأشار عليه باللحاق إليه بمصر لينصره وبعث عسكرا إلى الرقة في انتظاره وكان الموفق مشغولا بحرب الزنج فسار المعتمد منتصف سنة تسع وستين في القواد مظهرا أنه يتصيد ثم سار إلى أعمال الموصل وعليها يومئذ وعلى سائر الجزيرة أصحاب كنداج وكتب صاعد بن مخلد وزير الموفق عن الموفق إلى إسحق بردة عن طريقه والقبض على من معه من القواد فلما وصل المعتمد إلى عمله أظهر إسحق طاعته فارتحل في خدمته إلى أول عمل ابن طولون ثم اجتمع بالمعتمد والقواد وفيهم نيزك وأحمد بن خاقان وغيرهم فعذلهم في المسير إلى ابن طولون والمقام تحت يده وطال الكلام بينهم مليا ثم دعاهم إلى خيمته للمناظرة في ذلك أدبا مع المعتمد وقيدهم وجاء إلى المعتمد فعذله في المسير عن دار خلافته ومغاضبة أخيه هو في دفاع عدوه ومن يريد خراب ملكه وحمل الجميع إلى سامرا وقطع ابن طولون الدعاء للموفق على منابره وأسقط اسمه من الطرز وغضب الموفق بسبب ذلك على أحمد بن طولون وحمل المعتمد على أن يشار بلعنه على المنابر وولى إسحق ابن كنداج على أعماله وفوض إليه من باب الشماسية إلى أفريقية وكان لؤلؤ مولى ابن طولون عاملا على حمص وحلب وقنسرين وديار مصر من الجزيرة وكان منزله بالرقة فانتقض عليه في هذه السنة وسار إلى بالس فنهبها وكتب إلى الموفق فمر بقرقيسيا وبها ابن صفوان العقيلي فحاربه وغلبه عليها وسلمها إلى أحمد بن مالك بن طوق ووصل إلى الموفق في عسكر عظيم وهو يقاتل صاحب الزنج فأكرمه الموفق وأحسن هو الغناء في تلك الحرب ثم بعث ابن طولون في تلك السنة جيشه إلى مكة لإقامة الموسم وعامل مكة هرون بن محمد ففارقها خوفا منهم وبعث الموفق جعفرا في عسكر فقوي بهم هرون ولقوا أصحاب ابن طولون فهزموهم وصادروا القائد على ألف دينار وقرئ الكتاب في المسجد بلعن ابن طولون وانقلب أهل مصر إلى بلدهم آمنين ولم يزل لؤلؤ في خدمة الموفق إلى أن قبض علية سنة ثلاث وسبعين وصادره على أربعمائة ألف وأدبر أمره ثم ثم عاد إلى مصر آخر أيام هرون بن حمادية.

.وفاة ابن طولون ومسير ابن كنداج إلى الشام.

وفي سنة سبعين انتقض بازمان الخادم بطرسوس وقبض على نائبه وسار إليه أحمد بن طولون في العساكر وحاصروه فامتنع عليه فرجع إلى أنطاكية فمرض هنالك ومات لست وعشرين سنة من ولايته على مصر وولي بعده ابنه خمارويه وانتقضت عليه دمشق فبعث إليها العساكر وعادت إلى طاعته وكان يومئذ بالموصل والجزيرة إسحق بن كنداج وعلى الأنبار والرحبة وطريق الفرات محمد بن أبي الساج فكاتبا الموفق في المسير إلى الشام واستمداه فأذن لهما ووعدهما بالمدد فسارا وملكا ما يجاورهما من بلاده واستولى إسحق على أنطاكية وحلب وحمص وكاتبه نائب دمشق واجتمع الخلاف على خمارويه فسار إليه فهرب غلى شيزر وهي في طاعة خمارويه ودمشق وجاء أبو العباس بن الموفق وهو المعتضد من بغداد بالعساكر فكبس شيزر وقتل من جند ابن طولون مقتله عظيمة ولحق فلهم بدمشق وأبو العباس في اتباعهم فجلوا عنها وملكها في شعبان سنة احدى وسبعين ورجعت عساكر خمارويه إلى الرملة فأقاموا بها وزحف إسحق بن كنداج إلى الرقة وعليها وعلى الثغور والعواصم ابن دعاص من قبل خمارويه فقاتله وكان الظهور لإسحق ثم زحف أبو العباس المعتضد من دمشق إلى الرملة وسار خمارويه من مصر واجتمع بعساكره في الرملة على ماء الطواحين وكان المعتضد قد استفسد لابن كنداج وابن أبي الساج ونسبهما إلى الجبن في انتظارهما إياه في محاربة خمارويه وعبى المعتضد عساكره ولقي خمارويه وقد أكمن له فانهزم خمارويه أولا وملك المعتضد خيامه وشغل أصحابه بالنهب فخرج عليهم الكمين فانهزم المعتضد إلى دمشق فلم يفتح له أهلها فراح إلى طرسوس وأقام العسكران يقتتلان دون أمير وأقام أصحاب خمارويه عليهم أخاه سعدا مكانه وذهبوا إلى الشام فملكوه أجمع وأذهبوا منه دعوة الموفق وابنه وبلغ الخبر إلى خمارويه فسر وأطلق الأسرى الذين كانوا معه ثم ثار أهل طرسوس بأبي العباس فأخرجوه وسار إلى بغداد وولوا عليهم مازيار فاستبد بها ثم دعا لخمارويه بعد أن وصله بمال جليل يقال أنفذ إليه ثلاثين ألف دينار وخمسمائة ثوب وخمسمائة مطرف وسلاحا كثيرا فدعا له ثم بعث إليه بخمسين ألف دينار.